جوزيه مهدي فاريا يحتفل بتأهل المنتخب المغربي للدور الثاني من مونديال مكسيكو 86 (Others)
تابعنا

يمني المنتخب المغربي النفس عبر مشاركته في مونديال قطر 2022 بتحقيق نتائج إيجابية والتأهل إلى الدور الثاني من المنافسة. هو الطموح الذي عبَّر عنه مدرب "الأسود" وليد الركراكي حين قال: "لا نريد الذهاب إلى كأس العالم لنخوض ثلاث مباريات فقط".

طموح يريد به الركراكي تكرار إنجاز المنتخب في دورة مكسيكو 86 التي بقيت خالدة في ذكريات الجمهور المغربي، حين قاد المدرب البرازيلي المرحوم جوزيه فاريا كتيبة "أسود الأطلس" إلى تخطي دور المجموعات لأول مرة في تاريخ المنتخب وتاريخ المنتخبات الإفريقية والعربية.

هذا الإنجاز جعل من علاقة المدرب بالمملكة وشعبها تتوطد أكثر لدرجة قراره اعتناق الإسلام وأخذ الجنسية المغربية، ليصبح اسمه مهدي فاريا. هذا قبل أن توافيه المنية عام 2013 ويُدفن في مقبرة الشهداء بالرباط.

المدرب جوزيه مهدي فاريا (وسط) رفقة لاعبين من المنتخب المغربي (Others)

من جوزيه إلى مهدي

كان أول حلول للمدرب جوزيه فاريا بالمغرب عام 1982 قادماً إليه من دولة قطر التي درَّب منتخبها الوطني لفئة اليافعين أقل من 19 سنة. كما درَّب نادي السد القطري وفاز معه ثلاث مرات متتالية بكأس الشيخ جاسم ومرة واحدة بكأس أمير قطر.

في المغرب تسلَّم فاريا مقاليد تدريب نادي الجيش الملكي، ومنذ أول يوم له طبع مع الفريق مسيرة فذَّة، إذ قاده إلى الفوز بثلاث من كؤوس العرش. وسجَّل معه سابقة تاريخية في كرة القدم المغربي، إذ نجح عام 1985 في حصد كأس عصبة الأبطال الإفريقية، ليكون أول لقب قاري يفوز به فريق مغربي.

فيما أكبر إنجاز يذكر للمدرب البرازيلي كان مع كتيبة أسود الأطلس التي دربها من عام 1983 إلى 1988، حين جعل منها أول منتخب عربي وإفريقي يتأهل للدور الثاني للمونديال في مكسيكو 1986. وقتها رسَّخ فاريا اسمه بقلوب المغاربة فنال إعجابهم وتمجيدهم الكبيرين له.

عقب هذا الإنجاز المونديالي ازدادت الروابط العاطفية بين فاريا وأرض المغرب التي قرَّر الاستقرار بها وتكوين أسرة. بل وأكثر من ذلك قرَّر فاريا اعتناق الإسلام، وكان الملك الراحل الحسن الثاني هو من اختار له اسم "المهدي" عوض اسمه الأول جوزيه.

عن هذه الفترة يحكي فاريا قائلاً: "في المغرب، حيث التقيت مغربية أصبحت في ما بعد زوجتي وأم أبنائي، وهو ما عزز كثيراً اختياري للإسلام".

عام 2013 وبعد معاناته الطويلة مع المرض توفي جوزيه مهدي فاريا عن سن ناهز 80 سنة ودفن بمقبرة الشهداء بالعاصمة الرباط. خاتماً مسيرة كروية حافلة، نال خلالها ثمانية ألقاب، وقاد المنتخب المغربي في 52 مباراة دولية لم ينهزم إلا في 14 منها.

"ملحمة" مكسيكو 86

كانت دورة مكسيكو 86 هي ثاني مشاركة مونديالية للمنتخب المغربي، بعد أولى كانت عام 1970، خرج بها منهزماً في كل مبارياته في الدور الأول. وبالتالي كان عزم الكتيبة المغربية عدم تكرار سيناريو سابقاتها، وتحقيق إنجاز التأهل كأول فريق عربي وإفريقي إلى دور الثمن النهائي.

وضعت القرعة المنتخب المغربي في المجموعة السادسة أمام أسماء عالمية كبرى، كإنجلترا وبولندا والبرتغال، وبالتالي لم يكن أحد يراهن عليه في تحقيق الفوز. وفي هذا الصدد حكى المدرب مهدي فاريا: "لم يكن أحد يرشح المغرب سواء خلال المراحل الإقصائية أو المراحل النهائية، وهو بكل صراحة ما كنت أرغب فيه، أي أن تكون خارج الترشيحات وتفاجئ الجميع بتحقيق الفوز".

نجح المنتخب المغربي في الحفاظ على شباكه نظيفة خلال المبارتين الأولى والثانية، فحصد تعادلين سلبيين ثمينين مع إنجلترا وبولندا. خلالهما سطع نجم الحارس بادو الزاكي الذي كان الجدار المنيع أمام هجمات نجوم مثل البريطانيين مارك هاتيلي وبراين روبنسون.

في المباراة الثالثة أمام البرتغال كشَّرت أسود الأطلس عن أنيابها، فنجحت بتسجيل هدفين خلال الشوط الأول بقدم المهاجم عبد الرزاق خيري. وأضاف اللاعب عبد الكريم ميري الملقب "كريمو"، الهدف الثالث في الدقيقة 62. لتنتهي المباراة بفوز المغاربة بثلاث أهداف لواحد، وضمانهم بطاقة العبور إلى الدور الموالي من المونديال.

ووفقاً لما صرَّح به المحلل الرياضي الجزائري زكرياء حبشي في حديثه لـTRT عربي فإن "كان أسود الأطلس أبرز مفاجأة في مونديال مكسيكو 86، حيث لا أحد كان يرشحهم للفوز على البرتغال والتعادل مع المنتخب الإنجليزي والبولندي، حتى عند ملاقاتهم ألمانيا (بطلة العالم في نسخة 78) في الدور الثاني لم ينهزموا أمامها بسهولة".

وهذا راجع، حسب حبشي، إلى "التركيبة البشرية التي تمتع بها المنتخب المغربي، بأسماء كعزيز بودربالة وكريمو وعبد الرزاق خيري، الذين منحوا كل قوتهم للدفاع عن قميصهم الوطني، والحارس الكبير بادو الزاكي الذي لم يسجل عليه طوال الدورة سوى هدفين اثنين".

في الدور الثاني قابل المنتخب المغربي نظيره من ألمانيا الغربية التي كانت فازت بكأس العالم عام 1978، ورغم ذاك قدم اللاعبون المغاربة مباراة قوية كادوا أن يحسموا الفوز فيها أكثر من مرة، لولا هدف لوثار ماتيوس في الدقيقة 88 من عمر المباراة، الذي أنهى مسيرة المغاربة في ذلك المونديال.

TRT عربي