عصابات الحرب ومليشيات النهب.. كيف يحاول الاحتلال الإسرائيلي زراعة الفوضى في غزة؟
الحرب على غزة
4 دقيقة قراءة
عصابات الحرب ومليشيات النهب.. كيف يحاول الاحتلال الإسرائيلي زراعة الفوضى في غزة؟لم تنتهِ الحرب على قطاع غزة بانسحاب قوات الاحتلال من بعض المناطق جزئياً، إذ سرعان ما بدأت مرحلة جديدة من محاولات نشر الفوضى، تقودها مجموعات مسلّحة محلية مرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي، تعمل على تنفيذ ما فشل فيه العدوان.
عصابات ما بعد الحرب.. أدوات إسرائيل لتدمير غزة / AP
15 أكتوبر 2025

خلال المجاعة التي ضربت شمال القطاع، برزت جماعات مسلّحة تُشبه في تشكيلها “عصابات قطَّاع الطرق”، لكنها تعمل ضمن إطار منظم عائلياً.

كانت هذه العصابات تراقب توقيت دخول شاحنات المساعدات والطحين إلى المحافظات، وتعترضها قبل وصولها إلى المخازن الرسمية، وتنهب حمولتها، ثم تُخزنها في أماكن خاصة لبيعها لاحقاً بأسعار باهظة للمواطنين الجوعى.

أدى ذلك إلى تضخم نفوذ هذه العصابات مالياً وأمنياً، لتتحول تدريجياً إلى أداة بيد الاحتلال الإسرائيلي، الذي استغلّ حالة الفراغ الأمني الناتجة عن استهداف قواته عناصر الأمن والمقاومة في مختلف مناطق القطاع.

يقول المحلل السياسي إياد القرا، في حديث له مع TRT عربي، إن إسرائيل تحاول “شرعنة وجود هذه العصابات عبر تقديمها بوصفها بديلاً أمنياً عن الأجهزة التابعة لحكومة حماس”، مضيفاً أن “هناك رفضاً قاطعاً من العائلات والعشائر لهذا الطرح، واعتباره شكلاً من أشكال الخيانة”.

 ويتابع القرا: "أظهرت هذه العصابات عمالتها المباشرة للاحتلال في أحداثٍ متفرقة، أبرزها الاعتداء على مشفى ناصر الطبي ومخيمات النازحين في خان يونس، واختطاف الطبيب مروان الهمص وابنته الطبيبة تسنيم".

ويضيف القرا أن هذه المجموعات "سرقت أسلحة تابعة للمقاومة، وقتلت نازحين حاولوا تفقد بيوتهم في حيّ الصبرة، ولعل آخر جرائمها كانت اختطاف وقتل الناشط والصحفي صالح الجعفراوي وعدد من الشبان الآخرين".

 استشهاد صالح

 وحسب شهادة الصحفي أيمن الهسي، فإنّ الصحفي صالح قُتل برصاص قنّاص من العصابة الموجودة في منطقة الصبرة جنوبي مدينة غزة، حيث أُصيب بسبع طلقات نارية في أثناء تغطيته الأحداث الميدانية.

 وأوضح الهسي في حديث له مع TRT عربي، أنّ صالح كان قد تعرّض قبل أسبوعين من اغتياله لعملية اختطاف على يد أفراد من العصابة نفسها، جرى خلالها مصادرة هواتفه وسترته الصحفية ومعدّاته، قبل أن يُفرَج عنه بوساطة وجهاء عشائريين.

وأضاف أنّ صالح كان يوثّق انسحاب قوات الاحتلال من بعض المناطق المدمّرة، كعادته في التنقّل بين الأحياء لتصوير آثار العدوان.

وأشار الهسي إلى أنّ الارتباك ساد مواقع التواصل الاجتماعي بعد تداول أنباء متضاربة عن مصير صالح، نتيجة تأخّر انتشال جثمانه الذي بقي في منطقة اشتباكات عنيفة بين المقاومة ومسلّحين من العصابة.

وبعد انتهاء المواجهات، تمكّن الأهالي من سحب الجثمان، ليتبيّن أنّه استُشهد وهو يرتدي سترته الصحفية الملطّخة بالدماء، في مشهدٍ مؤلم ودّعه فيه زملاؤه بحزنٍ بالغ.

 “كلاب أثر” مؤقتة

تكرار هذه الحادثة واتساعها هو ما يحذّر منه القرا، موضحاً أن الاستخبارات الإسرائيلية نجحت جزئياً في “توظيف هذه العصابات ضمن استراتيجية تفكيك المجتمع من الداخل عبر الفوضى الأخلاقية والاجتماعية، لا عبر القوة العسكرية فقط”.

ويضيف: “الإشكالية الأخطر تظهر في ما يُعرف بـ(اليوم التالي لغزة)، حيث تُطرح تساؤلات حول مصير هؤلاء بعد انتهاء دورهم، لا سيما أن التجارب السابقة تُثبت أن إسرائيل تتعامل معهم على أنهم أدوات مؤقتة -مثل كلاب أثر- تستخدمهم لمصالحها ثم تتخلص منهم، كما حدث مع بعض المتعاونين في الانتفاضة الأولى”.

ويشير القرا إلى أن بعض قادة هذه العصابات يحملون هويات مزدوجة، منهم من كان معروفاً بتعاونه مع الاحتلال مثل حسام الأسطل الملقّب بـ“السفّاح”، وآخرون مرتبطون بأجهزة أمنية في الضفة الغربية أو متورطون في تجارة المخدرات أو التخابر مع الاحتلال، ما جعلهم “مادةً جاهزة للتجنيد”.

 حملة داخلية

وفي حوارٍ منفصل، يؤكد مصدر أمني في وزارة الداخلية بغزة لموقع TRT، أن “أمن المقاومة بدأ باقتحام أوكار العصابات التي تورطت في قتل مقاومين وترويع نازحين، ضمن إجراءات قانونية صارمة”.

ويضيف المصدر: “من تجرأ على سرقة أقوات الناس في وقت حاجاتهم، وتعاونَ مع العدو في حصارهم سيُحاسَب على خيانته”.

ويكشف عن أن "إحدى العصابات سرقت مئات الأسلحة من عُقد قتالية تابعة للمقاومة ومواقع تابعة لوزارة الداخلية، فيما تلقت عصابة أخرى دعماً جوياً إسرائيلياً في أثناء اشتباكها مع عناصر المقاومة مؤخراً، ما أدى إلى مقتل أفراد الخلية بالكامل”.

ويختم بالقول: “ستستمرّ الأجهزة الأمنية في ملاحقة كل من عبث بأمن المواطنين، وسرق أقواتهم وتحكم في مصائرهم”. 

في ظل الانهيار الإنساني الذي يعانيه القطاع بعد توقف الحرب، تبدو ظاهرة “العصابات العميلة” أكثر من مجرد انحراف أمني، بل أصبحت تجسيداً لمحاولات إسرائيل خلق فوضى تُبقي غزة مشتعلة على من فيها، لتظلّ مخاوف المواطنين مُشرعة، تتجددُ مع كل حادثة اشتباكٍ داخل "المربعات الأمنية" لهذه العصابات.

والخميس الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي توصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، إثر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين في مدينة شرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أمريكي.

ويستند الاتفاق إلى خطة ترمب التي تقوم على وقف الحرب، وانسحاب متدرج لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق متبادل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع.

وسبق أن أكدت حركة حماس أن نشر قوات الأمن الداخلية في مناطق عدة من قطاع غزة منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ هدفه "منع الفوضى والنهب، والحفاظ على الأمن العام".

وبدعمٍ أمريكي، ارتكبت إسرائيل منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلّفت 67 ألفاً و938 شهيداً، و170 ألفاً و169 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 463 فلسطينياً بينهم 157 طفلاً. معظمهم أطفال ونساء.

مصدر:TRT Arabi
اكتشف
70 مليون طن من الركام.. الحكومة في غزة تعلن القطاع منطقة منكوبة بيئياً وإنشائياً
محكمة إسرائيلية تمدّد اعتقال الطبيب أبو صفية 6 أشهر.. و"العفو الدولية" تطالب بإطلاق سراحه
خلال "إسناد غزة".. الحوثي تعلن مقتل رئيس أركان قواتها في غارات أمريكية-إسرائيلية باليمن
“جثامين تكشف الحقيقة”.. الصحة في غزة: أسرى أُعيدوا مكبّلين وعليهم آثار تعذيب وحروق
وزير الخارجية المصري: نعتزم استضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة في نوفمبر
تركيا تعزز جهودها الإنسانية في غزة وتعيّن سفيراً منسقاً للمساعدات
الهلال الأحمر التركي يوسع جهوده لتقديم المساعدات الغذائية للمدنيين في غزة
ترمب: حماس تبحث عن جثث الأسرى الإسرائيليين في أنفاق غزة ولا حاجة إلى انتشار قوات أمريكية في القطاع
الضفة الغربية.. إصابتان في القدس و8 في نابلس إثر اقتحام قوة خاصة للاحتلال
الأمم المتحدة تكشف عن مواجهة صعوبات بإدخال المساعدات إلى غزة رغم وقف إطلاق النار
ترمب يلوح بالسماح لإسرائيل باستئناف الحرب إن لم تلتزم حماس بنود الاتفاق
إسرائيل تعلن تسلّم جثتَي أسيرين من غزة و"القسّام" تؤكد التزامها الاتفاق
اقتحامات واسعة للاحتلال في الضفة.. وإصابة فلسطينيين باعتداءات مستوطنين
الرئيس أردوغان: سنواصل دعم المظلومين في غزة ونعمل لمنع عودة الإبادة الجماعية
وصول جثامين 45 فلسطينياً إلى غزة.. والاحتلال يستعد لتسلم رفات 5 محتجزين من القطاع
ارتفاع حصيلة الإبادة الجماعية في غزة.. والاحتلال يواصل منع دخول المساعدات رغم وقف النار