الصحفي الفلسطيني من غزة أحمد عبد العال يروي لـTRT عربي أهوال تجربته في سجون الاحتلال الإسرائيلي
الحرب على غزة
4 دقيقة قراءة
الصحفي الفلسطيني من غزة أحمد عبد العال يروي لـTRT عربي أهوال تجربته في سجون الاحتلال الإسرائيليالصحفي الفلسطيني من غزة أحمد عبد العال يروي تفاصيل مروعة حول عامٍ ونصف من الجحيم قضاها في سجون الاحتلال شملت تقييداً دائماً، وتعذيباً وإذلالاً نفسياً وجسدياً، وحرماناً من النوم، ومنعاً للتواصل مع المحامين، وحياة بين الألم والقرآن والأمل بالنجاة.
هكذا وصف عبد العال الحال" “ الموت هنا يشبه السهل الممتنع، تتمنى الموت على أن تعيش الذلّ والوجع، لكنك لا تريده، أيضاً لا تناله في وقته". / TRT ARABI
منذ 6 ساعات

“مكلبَش اليدين إلى الأمام، ومغمض العينين، أجلسُ راكعاً على فرشةٍ قصيرة سُمكها سنتيمتران، لا يُسمح لي بالتحرّك أو المشي أو الكلام مدة 3 أشهر، قضيتُها في بركسات سدي تيمان، حيث لا أسمع حولي غير جنودٍ يتحدثون العبرية ويتلذذون بسماع صرخاتنا في أثناء ضربهم الشديد لنا، وتكسيرهم لعظامنا في حال اشتكى أو توجّع منا أحد".

بهذه الشهادة بدأ الصحفي الفلسطيني أحمد عبد العال روايته لموقع TRT عربي حول عامٍ ونصف قضاها متنقلاً بين سجون الاحتلال الإسرائيلي. 

جحيم البركسات “الثكنات”

يقول عبد العال إنّ الأيام التي قضاها داخل بركسات “ثكنات” سديه تيمان تشبه الجحيم المُطبق، حيث تُنكر نفسك ولا تعرف أين أنت وماذا تفعل وأنت تعجز عن أيّ فعل آدمي، إذ يُمنع الأسير من قضاء حاجته إلا بصعوبة، فيما تُقدَّم له لُقيمات شحيحة من الطعام تكاد تُبقيه على قيد الحياة.

يضيف عبد العال: “أربع دقائق فقط هي مدة فكّ الكلبشات مرتين في الأسبوع يُسمح لنا فيها بتحريك أجسادنا، يجب أن نبقى كالأصنام، أما الاعتراض على ما سبق فهو كارثة تعني الضرب والركل وسكب الغاز الحارق داخل الأعين".

ويصف الصحفي المحرَّر مرحلة التحقيق في مراكز استخبارات جيش الاحتلال الإسرائيلي ومروره بغرف التعذيب المعروفة بـ”الديسكو” بأنها الأشد إرباكاً وتنكيلاً، حيث يُوضع الأسير داخل غرفة معزولة، مزودة بمكبرات صوت تُصدر الأغاني العبرية بصوت صاخب لأيام متواصلة بلا توقف أبداً، يُمنع فيها الأسير من النوم دقيقة واحدة، وإذا ما حاول النوم انهالوا عليه بالصعق وبالضرب على وجهه وأعضائه".

“خمسة أيام قضيتُها داخل الغرفة، مقيّد اليدين والقدمين على كرسي (الشبح)، حتى انهارت قواي، قبل البدء بعملية التحقيق، وقد رأيت بعض الأسرى يفقدون عقولهم من شدة الألم والضغط النفسي الذي يتعرضون له”، يؤكد عبد العال. 

الموت “سهل ممتنع”

يروي عبد العال مشاهدَ مأساوية عاينها بعينيه: “في الأيام الأولى للاعتقال عذّب الجنود رجلاً كبيراً في السنّ، وتوحشوا في ضربه وتكسيره بتهمةٍ كاذبة ألقوها عليه، إلى أن فقدَ وعيه، وحين فحصوه وجدوه جثةً هامدة، لفوه بكيس أسود ليرموه خارجاً بلا شفقة".

ويضيف: “الموت هنا يشبه السهل الممتنع، تتمنى الموت على أن تعيش الذلّ والوجع، لكنك لا تريده، أيضاً لا تناله في وقته".

كما يستحضر عبد العال بعض المشاهد التي تؤلم ذاكرته، إذ كان الجنود يتعمدون تعذيب الأسرى حتى الموت. حدث ذلك مع صديقه الشاب محمد إدريس الذي كان يعاني نزفاً مستمراً بعد إصابته المزمنة بالبواسير، ولم يأبه الجنود لإصابته، ضربوه بطريقة مرعبة أدخلته في نوبةٍ من الهلع والهستيريا حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، بعدما قرر ممرض السجن باستهتار: "خليه يموت”.

دقائق من أمل

يستذكر عبد العال اللحظات القليلة التي حاول خلالها الحفاظ على اتزانه النفسي، مُخبراً: "كنا نتتبّع خيوط الشمس بين الممرات التي تفصل زنازين السجن، لنثبت لعقولنا أننا على قيد الحياة، ويذكّر بعضنا بالحياة الأخرى خارج السجن"، لافتاً إلى أن الأسرى يعتمدون على إحياء ذاكرتهم بشكل يومي عبر سرد الأحداث والمواقف والأسماء والصور التي يعرفونها حفظاً لوقتهم ومنعاً لتشوه الذاكرة أو فقدانها"، مستعجباً من إمكانية أن يسمع الأسير نفس الأحاديث عشرات المرات مبدياً كأنه يسمعها للتو، "هكذا كنا نتعرف على ذواتنا القديمة ونكرر التحدث عنها خشية فقدانها"، يكرر عبد العال.

لم تكن الشمس أول المؤنسين فقد كان القرآن المحفوظ في صدور الأسرى شاغلهم الأول والأخير، إذ يشرح عبد العال طريقة حفظهم للقرآن بالقول: "استخدمنا المراهم الفارغة بعد ثنيها وتسنينها لتبدو كالقلم، وكتبنا فيها ما تيسر من الآيات على الجدران، هكذا كنا نحفظ السور الطوال بعد تجميع آياتها من بقية الأسرى، لنعاود مسحها بعد حفظها، وتكرار كتابة سُوَرٍ أخرى"، هكذا شغل أحمد أيامه في سجن عوفر الذي اصطلح على وصفه بـ"مقابر المنفى".

انقطاع تام

لم يُسمح لأحمد عبد العال برؤية محامٍ طوال فترة اعتقاله، في الوقت الذي جهلت عائلته مصيره ومكانه حتى موعد خروجه من السجن، هذا ما أكدته الزوجة في حديثها برفقة زوجها.

يصف عبد العال: "تخيل أن تُنفى عن كل العالم بما فيه من أحداث ومصاير، وتصبح كالتائه الذي ينتظر خبراً عن حياته وحياة أهله الذين تركَهم وسط المحرقة. الشعور بالمجهول مُهين جداً".

الأنكى من ذلك، على حدّ وصفه، أن يستخدم الاحتلال رفاق الأسير في إهانته. حدث ذلك مع صديقه الذي كان يتعمّد الجنود إلقاءه أرضاً، ليُجبروا أصدقاءه في الغرفة على الدعس على وجهه بأقدامهم انتقاماً منه. وقد تكرر ذلك مع كل قَمعة داخل غرفة الأسير إياه، أضف إلى ذلك إجبار الأسرى على شتم أمهاتهم بأقذر الألفاظ في أثناء التحقيق والتعذيب.

نجاة منقوصة

لم يودّع أحمد رفاقه الأسرى لحظة الإفراج، ظناً بخروجهم في المراحل التالية من الصفقة، ليفاجأ بعد خروجه بأنها المرحلة الأخيرة، وقد كان لافتاً استحضاره لأسمائهم ومواقفهم طوال فترة الحوار: "تحدثوا عنهم ولا تتركوهم، حرام أن يبقوا داخل السجن، سيزداد الضغط عليهم وسيفقدون أنفسهم إذا تُركوا وحدهم بعدما شعروا بقُرب خروجهم".

يستنكر بمرارة: "لماذا يتعامل العالم مع أكثر من 9000 أسير كأرقام؟ كل من قابلتهم داخل الأسر لديهم أحلام تبني مجتمعات بأكملها، ولديهم مستقبل يُخططون لبنائه، لكنّ أعمارهم تتآكل داخل السجن، لأن الاحتلال يريد ذلك فقط".

مصدر:TRT ARABI
اكتشف
إعلام عبري يتحدث عن ضخ خرسانة إلى نفق داخله مقاومون في رفح جنوبي القطاع
"أكبر فشل مخابراتي".. نتنياهو يرجئ التحقيق بإخفاقات "7 أكتوبر" إلى ما بعد الحرب رغم ضغوط المعارضة
عون: لا خيار أمام لبنان سوى التفاوض مع إسرائيل وبدأنا معالجة العلاقات مع سوريا
استشهاد فلسطينيين اثنين يرفع الحصيلة بغزة.. والاحتلال يسلم جثامين 45 أسيراً
تمديد اعتقال المدعية العامة الإسرائيلية التي سمحت بنشر فيديو اعتداء على أسير فلسطيني
ُّلجنة بالكنيست تقرُّ مشروع قانون لإعدام الأسرى.. وحماس تعتبره تجسيداً لوجه الاحتلال "الفاشي"
مقتل شخصين وإصابة 7 آخرين في غارة إسرائيلية جنوب لبنان
تواصل الغارات على غزة بالتوازي مع إعلان إسرائيل تحديد هوية ثلاثة أسرى أعادتهم "القسام"
بعد ساعات من اختفائها.. العثور على المدّعية العسكرية الإسرائيلية على قيد الحياة
بينهم العقيد حمامي.. "القسام" تسلّم جثث 3 أسرى إسرائيليين عثرت عليهم اليوم
استشهاد فلسطيني بسجون إسرائيل.. ونادي الأسير: واقع المعتقلين كارثي وغير مسبوق
شهداء جدد بسبب خروقات الاحتلال وسط وضع إنساني كارثي ونسف للمباني بغزة
إسطنبول تحتضن الاثنين اجتماعاً لبحث مستجدات غزة بمشاركة دول عربية وإسلامية
الاحتلال ينسف منازل في غزة وسط تراجع إدخال المساعدات الإنسانية
الإعلام الحكومي في غزة ينفي اتهامات أمريكية لحماس بـ"نهب" المساعدات
رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي يبحث مع نظيره الأمريكي الأوضاع في غزة