وتولى ساركوزي، المنتمي إلى التيار المحافظ، رئاسة فرنسا بين عامي 2007 و2012، ليصبح أول رئيس فرنسي سابق يُسجن منذ المارشال فيليب بيتان الذي أدين بالتعاون مع النازية عقب الحرب العالمية الثانية.
وقال ساركوزي لصحيفة لا تريبون ديمانش قبل دخوله السجن: "لست خائفاً من السجن. سأبقى مرفوع الرأس، حتى على أبواب الزنزانة".
وتأتي الإدانة بعد سنوات من التحقيقات بشأن مزاعم تلقي حملته الانتخابية ملايين اليوروهات نقداً من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الذي أُطيح به وقُتل خلال أحداث الربيع العربي.
ورغم إدانة ساركوزي بالتآمر مع مساعدين له لتدبير هذا التمويل، فقد بُرئ من تلقي الأموال شخصياً أو استخدامها لأغراض خاصة، مؤكداً براءته ووصف القضية بأنها ذات دوافع سياسية هدفها "إذلاله".
ورغم تقديمه استئنافاً على الحكم، فإن القانون يفرض تنفيذ العقوبة فوراً حتى في أثناء نظر الطعن.
يُذكر أن ساركوزي أُدين سابقاً في قضية فساد منفصلة تتعلق بمحاولته الحصول على معلومات سرية من أحد القضاة، ويقضي عقوبته فيها بارتداء سوار إلكتروني حول كاحله.
ومن المتوقع أن يُحتجز الرئيس الأسبق في سجن لا سونتيه بباريس، الذي ضم سابقاً شخصيات بارزة مثل المناضل اليساري كارلوس الثعلب والزعيم البنمي مانويل نورييغا.
وسيُوضع ساركوزي في وحدة العزل الانفرادي لأسباب أمنية، حيث تبلغ مساحة الزنزانة بين 9 و12 متراً مربعاً، وتضم حماماً خاصاً بعد التجديدات الأخيرة. وسيُسمح له بامتلاك تلفاز مقابل 14 يورو شهرياً وهاتف أرضي.
وفي حديثه لصحيفة لوفيغارو، قال ساركوزي إنه سيأخذ معه ثلاثة كتب في أسبوعه الأول داخل السجن، من بينها رواية الكونت دي مونتي كريستو لألكسندر دوما، التي تحكي قصة رجل سُجن ظلماً وسعى للانتقام ممن خانوه.
وأثار قرار سجنه غضب حلفائه في اليمين واليمين المتطرف، لكنه اعتبره محللون خطوة تؤكد تغير نهج القضاء الفرنسي في التعامل مع جرائم السياسيين، بعد إصلاحات حدّت من ظاهرة إفلات كبار المسؤولين من العقاب.
ويرى خبراء قانونيون أن القضاء الفرنسي بات يعتمد بشكل متزايد على أوامر التنفيذ الفوري للأحكام، كما حدث مؤخراً مع زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان التي مُنعت من الترشح مؤقتاً بانتظار البت في استئنافها.
ووفق استطلاع أجرته مؤسسة إيلاب لصالح قناة BFM TV، فإن 58% من الفرنسيين يعتبرون الحكم عادلاً، بينما 61% يؤيدون سجنه فوراً دون انتظار نتيجة الاستئناف.
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تجمعه علاقة ودية بساركوزي وزوجته كارلا بروني، فقد أكد أمس أنه التقاه قبل دخوله السجن.