جاء ذلك في بيان مشترك للقوى الثلاث، تزامناً مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الخميس، عقب مفاوضات غير مباشرة في منتجع شرم الشيخ، شاركت فيها تركيا وقطر ومصر والولايات المتحدة.
وأوضحت الفصائل أنّها بذلت "جهوداً كبيرة ومضنية لإطلاق سراح جميع الأسيرات والأسرى وقيادات الحركة الوطنية الأسيرة، إلا أنّ الاحتلال كعادته أجهض إطلاق سراح عدد كبير ومهم منهم"، مضيفةً أنها رغم ذلك "آثرت المضي في تنفيذ الاتفاق من أجل وقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني".
وأكدت الفصائل الثلاثة التزامها بقضية الأسرى، قائلةً: "نعاهد شعبنا وأسرانا على أنّ قضيتهم ستبقى على رأس أولوياتنا الوطنية ولن نتخلى عنهم أبداً". كما باركت "لشعبنا حرية هذه الثلة المباركة من أسرانا وأبطالنا".
ولم تذكر القوى تفاصيل أو أسماء الأسرى الذين من المقرر الإفراج عنهم خلال الأيام المقبلة.
وفي وقت سابق الجمعة، نشرت وزارة العدل الإسرائيلية أسماء 250 أسيراً فلسطينياً محكوماً بالمؤبد، من المتوقع إطلاق سراحهم بموجب الاتفاق، لكن "مكتب إعلام الأسرى" التابع لحركة حماس نفى وجود "اتفاق رسمي بشأن القوائم".
وتُعلن وزارة العدل الإسرائيلية عادةً قوائم الأسماء لإتاحة الفرصة أمام الجمهور لتقديم التماسات إلى المحكمة العليا ضد الإفراج، إلا أنّ المحكمة غالباً ما ترفض تلك الالتماسات.
ولا تشمل القائمة قيادات الأسرى الذين تطالب بهم حماس، ومن أبرزهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعبد الله البرغوثي وحسن سلامة وعباس السيد وإبراهيم حامد.
والخميس، أعلن ترمب توصّل إسرائيل وحركة حماس إلى اتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وذلك بعد أربعة أيام من مفاوضات غير مباشرة في شرم الشيخ، ودخل الاتفاق حيّز التنفيذ الساعة 12:00 ظهر الجمعة بتوقيت القدس (09:00 ت.غ) بعد إقراره من الحكومة الإسرائيلية فجراً.
وتنص وثيقة الاتفاق، التي نشرتها هيئة البث العبرية الرسمية، على أن تُفرج حماس عن الأسرى الإسرائيليين الأحياء خلال 72 ساعة من تصديق إسرائيل على الاتفاق، على أن تُسلّم المعلومات المتوفرة لديها عن القتلى من الأسرى الإسرائيليين إلى آلية مشتركة بمشاركة قطر ومصر وتركيا واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وفي المقابل، تطلق إسرائيل سراح 250 أسيراً فلسطينياً محكوماً بالمؤبد و1700 أسير اعتُقلوا في غزة بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 2023.
جهود الوسطاء
وثمّنت الفصائل الثلاثة جهود الوسطاء في مصر وقطر وتركيا، ومَن ساند هذا المسار، داعيةً إلى استمرار الضغط لضمان التزام الاحتلال بجميع بنود الاتفاق دون انحراف عنها.
وقالت إنّ "محاولات الاحتلال لتفجير المسار التفاوضي وتعطيل الاتفاق ومساعي نتنياهو لإطالة أمد الحرب ووأد أي فرصة لوقف العدوان، لم تُثنِ الوفد الفلسطيني عن هدفه في وقف حرب الإبادة ضد شعبنا".
وأضافت أنّ "الاتفاق يمثل فشلاً سياسياً وأمنياً لمخططات الاحتلال وكسر أهدافه في فرض التهجير والاقتلاع، وهو إنجاز جزئي يخفف من معاناة شعبنا ويحرر المئات من أسيراتنا وأسرانا الأبطال من سجون الاحتلال، ويعكس صلابة المقاومة ووحدة الموقف الوطني".
الصمود والمساندة
وأشادت الفصائل بصمود الشعب الفلسطيني في غزة، الذي "واجه أفظع الجرائم الصهيونية بثبات أسطوري"، وحيّت الطواقم الطبية والإسعافية والدفاع المدني والصحفيين "الذين صمدوا رغم القصف والتجويع"، كما أثنت على "بطولات المقاومة التي وقفت شامخة بين الركام، وألحقت بالعدو خسائر فادحة"، مؤكدةً أنّ الاحتلال "فشل في كسر إرادة الشعب والمقاومة رغم عامين من الحرب المدمّرة".
كما ثمّنت "دعم جبهات الإسناد في اليمن ولبنان وإيران والعراق، والحراك الشعبي العالمي المتضامن مع فلسطين وغزة"، وعدّته "رسالة واضحة بأنّ القضية الفلسطينية قضية سياسية وإنسانية عالمية".
الشأن الداخلي
ودعت الفصائل الثلاثة إلى تعزيز الوحدة الوطنية، والشروع في "مسار سياسي وطني موحد بالتعاون مع الجهود المصرية الكريمة"، مطالبةً بعقد اجتماع وطني شامل وعاجل "لبلورة الخطوة التالية بعد وقف إطلاق النار، وتوحيد الموقف الفلسطيني، وصياغة استراتيجية وطنية شاملة، وإعادة بناء مؤسساتنا الوطنية على أسس الشراكة والمصداقية والشفافية".
كما دعت إلى "تعزيز التكافل الاجتماعي في غزة، ودعم المتضررين وتأمين مقومات الحياة اليومية، وتفعيل التعاون بين الفصائل والمجتمع والمؤسسات المحلية والدولية، بما يضمن صموداً موحداً في وجه التحديات ويحافظ على وحدة شعبنا".
وأكدت القوى رفضها أي "وصاية أجنبية"، مشددةً على أنّ "إدارة قطاع غزة شأن فلسطيني داخلي يُحدده مكونات شعبنا الوطنية بشكل مشترك، مع الترحيب بالمشاركة العربية والدولية في مجالات الإعمار والتعافي ودعم التنمية، بما يعزز حياة كريمة لشعبنا ويحفظ حقوقه في أرضه".
ويستند اتفاق وقف النار إلى خطة من 20 بنداً طرحها ترمب، تقوم على وقف الحرب وانسحاب متدرج لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق متبادَل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع، ونزع سلاح حماس، فيما تتناول المرحلة الثانية مسألة إدارة غزة واستعادة الأمن الداخلي.
ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي إبادة جماعية في قطاع غزة، بدعم أمريكي، أودت بحياة 67 ألفاً و211 شهيداً و169 ألفاً و961 جريحاً، معظمهم من الأطفال والنساء، فيما تسببت المجاعة في استشهاد 460 فلسطينياً، بينهم 154 طفلاً.