تشير التحليلات الأولية للغارات التي وقعت في 9 أيلول/سبتمبر إلى أن سلاح الجو التابع للاحتلال الإسرائيلي نفّذها من الأجواء السورية، من دون أن تواجه طائراته أي اعتراض من منظومات الدفاع الجوي الأمريكية المنتشرة هناك.
وحسب تقييم استخباراتي أوروبي نقلته مجلة إنتلجنس أونلاين الفرنسية، يُرجَّح أن إسرائيل استخدمت في هذه الضربة صواريخ سيلفر سبارو الباليستية جو–أرض.
غير أن محللين عسكريين يشككون في هذا الاستنتاج، موضحين أن المعطيات الأولية من موقع الحدث لا تدعم هذا الترجيح، ولا سيما حجم الانفجار المحدود وعدم العثور على بقايا واضحة للمقذوف.
وتضيف المجلة أن استخدام هذا النوع من الصواريخ في سياق عمليات حربية يتطلب موافقة أمريكية مسبقة، وهو ما يعني ضمناً أن واشنطن منحت إسرائيل الضوء الأخضر.
كما أوضحت أن مقاتلات F-15 وF-16 الإسرائيلية، المصنعة من قبل شركة لوكهيد مارتن، هي المنصات التي عادة ما تحمل صواريخ سيلفر سبارو.
ولتفادي الرصد، ترجّح المجلة أن الطائرات الإسرائيلية حلّقت عبر الأجواء السورية، حيث لا توجد أنظمة دفاع جوي فعّالة باستثناء تلك التابعة للقوات الخاصة الأمريكية في قاعدة محدودة.
وبفضل المدى البالغ نحو 2000 كيلومتر لصاروخ سيلفر سبارو، تمكنت هذه الطائرات من استهداف الدوحة انطلاقاً من المجال السوري، متجنّبة المرور فوق الأردن أو العراق حيث تتمركز قواعد عسكرية أجنبية قادرة على رصدها.
ما الصاروخ سبارو؟
طورت شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة المحدودة سلسلة صواريخ " سبارو" واستخدمتها في اختبار منظومة "حيتس" للدفاع الجوي الصاروخي الإسرائيلي، ولاحقاً قامت بتصديرها لبعض الدول التي لم تكشف عنها الشركة.
ووفقاً لموقع الشركة يتكوّن نظام سبارو من ثلاثة أنواع رئيسية: بلاك سبارو وبلو سبارو وسيلفر سبارو، ولكل منها خصائص تقنية تميّزه عن الآخر.
بلاك سبارو صُمم لمحاكاة صاروخ سكود-B قصير المدى. و يبلغ طوله نحو 4.85 متر، ويزن قبل الإطلاق حوالي 1,275 كيلوجرام.
ويستخدم نظام دفع يعتمد على وقود صلب ذي مرحلة واحدة. يتزود بنظام ملاحة INS/GPS، لكنه لا يحتوي على نظام تحكم في الاتجاه.
يضم نظام قياس عن بُعد ثنائي القنوات مع تغطية شاملة، ونظام إنهاء طيران مزدوج احتياطي. رأسه العائد غير قابل للفصل.
أما صاروخ بلو سبارو يحاكي صواريخ سكود-C/D متوسطة المدى. طوله 6.51 متر، ووزنه قبل الإطلاق يصل إلى 1,900 كيلوجرام. يستخدم كذلك وقوداً صلباً بمرحلة واحدة. يعتمد على نظام ملاحة مزدوج يجمع بين GPS وINS، ويحتوي على نظام تحكم ثلاثي المحاور يعمل بالغاز البارد ومثبت على الرأس العائد (RV).
نظام القياس عن بُعد فيه ثنائي القنوات مع تغطية شاملة، أما نظام إنهاء الطيران فهو مزدوج احتياطي مع نظام مستقل ذاتي. الرأس العائد قابل للفصل، وهو تكوين مشترك يشمل الرأس الأمامي والإلكترونيات وقسم التحكم بالاتجاه.
وأخيراً صاروخ سيلفر سبارو يحاكي صواريخ سكود-C/D وصاروخ شهاب بعيد المدى. يبلغ طوله 8.39 متر ويزن عند الإطلاق 3,130 كيلوجرام. مثل سابقيه، يستخدم وقوداً صلباً أحادي المرحلة. يعتمد على نظام ملاحة يجمع بين GPS وINS مزدوج، ويتشارك مع بلو سبارو في نظام التحكم الثلاثي المحاور بالغاز البارد المثبت على الرأس العائد.
يتميز كذلك بنظام قياس عن بُعد ثنائي القنوات مع تغطية شاملة، ونظام إنهاء طيران مزدوج احتياطي مع نظام مستقل ذاتي. كما يشارك بلو سبارو في تكوين الرأس العائد القابل للفصل.
المعطيات لا تدعم
يشير الباحث المتخصص في الشؤون الدفاعية عماد ناصر، في حديثه إلى TRT عربي، إلى أن المعطيات المتوفرة لا تدعم ما ذهبت إليه مجلة إنتلجنس أونلاين بشأن استخدام إسرائيل لصواريخ سلفر سبارو في قصف الدوحة.
ويشرح ناصر أن عائلة سبارو (Target for Arrow) ظهرت في الأساس كأهداف باليستية تطلق من المقاتلات الحربية لاختبار صواريخ الدفاع الجوي "حيتس"، وتشمل ثلاثة نماذج رئيسية هي: بلاك سبارو، بلو سبارو، وسيلفر سبارو، بالإضافة إلى صاروخ روكس الأقصر مدى. ورغم غياب معلومات مؤكدة حول المدى والسرعة لهذه النماذج، فإن المعروف أن صاروخ سيلفر سبارو صُمم لمحاكاة صاروخ شهاب الإيراني.
ويضيف أن هذه الصواريخ استُخدمت لأول مرة عمليًا خلال الرد الإسرائيلي على عملية الوعد الصادق 1 في أبريل/نيسان 2024، حيث عُثر على بقايا معززات في العراق. ويتميز كل من بلو وسيلفر سبارو بقدرة رأسه الحربي على الانفصال عن البدن والتحول إلى مركبة إعادة دخول (RV). كما جرى استخدامها مجدداً في الضربة الافتتاحية لحرب الاثني عشر يوماً بين إيران وإسرائيل.
أما فيما يتعلق بالدوحة، فيرى ناصر أن التحليل المنشور في إنتلجنس أونلاين غير صحيح لعدة أسباب أهمها:إمكانية رصد هذا النوع من الصواريخ من مسافات بعيدة بواسطة الرادارات القطرية والأمريكية. وعدم العثور على أي بقايا لمعززات صاروخية في موقع الاستهداف.
كما أن حجم الأضرار في المبنى المستهدف لا يتناسب مع تأثير ضربة مكوّنة من اثني عشر صاروخاً باليستياً، ما يرجح أن السلاح المستخدم كان قنابل انزلاقية صغيرة القطر.
ويشير ناصر أيضاً إلى أن صواريخ سبارو لا يمكن تحميلها على مقاتلات الشبح F-35، إذ إن حملها خارجياً يفقد الطائرة ميزة التخفي، ولا يمكن وضعها داخل حجرة الأسلحة.
وبذلك يُرجح أن المقاتلات الإسرائيلية من طراز F-35 اقتربت إلى مدى مناسب يتيح إطلاق قنابل انزلاقية موجهة على بعد عشرات الكيلومترات، ثم انسحبت بسرعة، وهو وقت قصير لا يكفي لرصد تلك القنابل.